عندما نتحدث مع كفيف عبر الهاتف لا يمكننا أن نعرف أنه فاقد البصر، لأن عملية التواصل عبر الهاتف لا تحتاج إلى حاسة النظر كي تكتمل، ولهذا فإن ما يحاول العاملون في مجال رعاية الكفيفين ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الخيرية العالمية إلقاء الضوء عليه هو مقاربة معاصرة لمعنى فقدان حاسة النظر، لتغيير النظرة الاجتماعية تجاه فاقدي هذه الحاسة الذين يحتاجون دائماً إلى مساعدة للاندماج، لعجزهم عن رؤية ما نراه، أي أشكال الأشياء والأشخاص الآخرين والألوان. فالكفيف في التعريف المعاصر لا يحتاج إلى المساعدة إلا في حالات محددة تتطلب حاسة النظر، وعدا ذلك فإنه يتمتع بقدرات قد تكون أكثر غنى عن قدرات الآخرين حين يستخدم حواسه الأخرى ليعوض حاسة النظر، فتقوى لديه حاسة السمع واللمس والتذوق والتعرف على الأشخاص من خلال أصواتهم وطريقة حضورهم في المكان، والقدرة على التعمق في العوالم الداخلية لخياله الشخصي، الذي منه يخلق الكفيف صورة ذهنية عن العالم الذي لا يراه، وتختلف عن الصورة التي يكونها كفيف آخر. وهذه الحواس التي يضطر الكفيف إلى الاستعانة بها لتعويض حاسة النظر قد تتكاسل لدى المبصرين الذين تشكل الرؤية مصدر ما يزيد على 80 في المئة من المعلومات لديهم كما بات معروفاً لعلوم الدماغ.
وبينت الأبحاث العلمية الحديثة المرفقة بالتجارب العملية مع المكفوفين أن فقدان البصر قد يكون تجربة حياتية مختلفة وغنية وتضيء على جوانب أخرى لكيفية فهم الحياة والموجودات، وسيؤدي التعامل مع هذه التجربة بعمق أكبر إلى فهم المجتمع المحيط وتسهيل التعامل مع الكفيفين، الذين أظهروا أن الدعم الذي يتلقونه من المجتمع يساعدهم في نقل تجربتهم أو رؤيتهم المختلفة للعالم إلى الآخرين المبصرين.

التعليقات معطلة.