تعرف أعماق البحار بأنها المناطق من المحيط التي تقع على عمق 200 متر فأكثر، تمتاز بنظامها البيئي الصعب بعض الشيء، وذلك للأسباب الآتية:
درجات الحرارة لا تزيد عن 5 درجات مئوية. الضغط يساوي 200 ضعف الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر. أشعة الشمس لا تصل إليها. ممّا يجعل من الضروري تأقلُم الحيوانات البحرية التي تعيش في هذه الأعماق مع أسلوب الحياة في واحدة من أكثر البيئات تحدياً في العالم، وفي القدم كان من الصعب اكتشاف أعماق البحار وظروفها البيئية؛ وذلك بسبب عدم تواجد الإمكانيات للوصول إلى الأعماق، ولكن بدأ العلماء الأوروبيين في بداية القرن التاسع عشر بالبحث عن الحياة في أعماق البحار.[١] تتأثر عمليات التمثيل الضوئي في هذه المنطقة نظراً لقلة أشعة الشمس الواصلة إليها، وتصل درجة حرارة الماء لما بين 3-10 درجات مئوية ممّا يعني أنّها باردة جداً، بالإضافة لنقص كميات الأكسجين الذائب في الماء في تلك المنطقة، ويصل الضغط الجوي فيها لما يقارب 400 ضغط جوي، ممّا يعني انخفاض أعداد الكائنات الحية، إذ يعيش فيها 25% من أنواع الكائنات الحية التي يُقدّر عددها بما يقارب 8.7 مليون نوع، واكتشف العلماء جزء بسيط من هذه الكائنات التي تعيش في أعماق البحار ويعتقدون أنّه ما زال نسبة 91% منها لم يكتشفوها بعد.[٢] التأقلم مع قلة الغذاء تعيش الكائنات الحية في أعماق البحار وتتكيّف مع نقص الموارد الغذائية نظراً لندرة الكائنات الحية التي تعيش هناك، فمثلاً وجد في الأعماق نوع من ديدان البلوط على عمق 2700 متر قرب سلسلة الجبال التي تقع وسط المحيط الأطلسي، وتمتاز بشفاهها الطويلة جداً والتي تجعلها قادرة على التقاط الفريسة من مكان بعيد، كما أنّ لديها أسنان وأنياب قادرة على سحق كل شيء تتناوله، وذلك لأنّها تحتاج تناول أيّ شيء لتبقى على قيد الحياة، عدا عن ذلك فإنّ فمها كهفي وكبير وأسنانها تشبه الخناجر ولا تستطيع إغلاق فمها نظراً لحجم أسنانها.[٣] هذه الديدان مثال على عدد ضخم، من الكائنات الحية التي تملك خصائص مميزة، تمكنها من البقاء على قيد الحياة في أعماق البحار. التأقلم مع انعدام الضوء يستمر ضوء الشمس بالانخفاض بدءاً من منطقة البحار المتوسطة أيّ منطقة الشفق وصولاً إلى أعماق البحار التي يختفي فيها الضوء تماماً، ويكون لونها أزرق نظراً لأنّ ألوان الضوء المتبقي تُمتص مع زيادة العمق، وصولاً لعمق البحر الذي يكون مظلماً كعَتم الليل، لذا فإنّ الكائنات الحية هناك تتكيّف حسيّاً مع هذا الظلام، فلهذه الكائنات عيون كبيرة جداً مثل أسماك الحدادة القوية، يجعلها تلتقط كميةً ضئيلةً جداً من الضوء، أمّا الأنواع الأخرى من الكائنات مثل الأسماك ثلاثية الأبعاد فإنّها عمياء تماماً وتعتمد على حاسة الشم واللمس والاهتزاز للتّعرف على الأشياء.[٤] تمتلك هذه الكائنات أجزاء مُضيئة في جسمها تجعلها تُشكّل لوحة فنية جذابة تسمى التلألؤ البيولوجي، وهذا التلألؤ تستخدمه الكائنات لوظائف متعددة مثل: أسماك الفانوس التي تُصدر أضواء من الأمام للرؤية، وبعضها تُصدر أضواء لجذب الأنواع المشابهة والبحث عن الصداقات، أمّا أسماك الصيد فتُصدر ضوءاً لإغراء الفريسة ثمّ اصطيادها، وبعضها يُصدر ضوءاً من بطنه يُشبه أشعة الشمس القادمة من الأعلى لتكون مخفية عن الحيوانات المفترسة الموجودة أسفلها، وهناك نوع يُصدر ضوءاً كإنذار من الخطر.