عند النظر إلى استخدام الذكاء الاصطناعي فنادراً ما نفكر في كمية الكهرباء والطاقة المستهلكة أثناء معالجة البيانات، سواء كان ذلك في توليد الصور أو معالجة النصوص أو التطبيقات الأخرى عبر الإنترنت، ويقتصر تفكير معظم الناس على استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة سريعة أو كوسيلة لإنتاج صور فكاهية، من دون التفكير في تأثيره على البيئة أو كمية الطاقة التي يستهلكها.
لكن الحقيقة تفيد بأن وراء هذا الابتكار تكمن بصمة بيئية متزايدة، ففي عام 2023 استهلكت مراكز البيانات 4.4 في المئة من كهرباء الولايات المتحدة وحدها، وهو رقم قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2028، وهذا الأمر ينسحب على بقية العالم حيث يستهلك الذكاء الاصطناعي التوليدي وتعدين الـ “بيتكوين” ومراكز البيانات كميات هائلة من الطاقة.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات يبلغ 415 تيراواط/ الساعة، أي ما يعادل 1.5 في المئة من استهلاك الكهرباء العالمي، بنمو مقداره 12 في المئة سنوياً.
لماذا يستهلك الذكاء الاصطناعي الكهرباء؟
تعد مراكز البيانات العمود الفقري لتخزين ومعالجة وتوزيع البيانات لمختلف التطبيقات، بما في ذلك مواقع الويب أو الخدمات السحابية أو خدمات الذكاء الاصطناعي، وتستهلك هذه المراكز التي تستضيف تقنية الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الطاقة لتشغيل إلكترونياتها المعقدة، والتي لا يزال معظمها يأتي من الوقود الأحفوري مما يسهم في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وقد أدى النمو السريع للذكاء الاصطناعي إلى زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات الجديدة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، ففي عام 2022 شكلت مراكز البيانات حوالى واحد في المئة من إجمال الطلب العالمي على الكهرباء، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة بصورة كبيرة، وفي إيرلندا حيث تشهد سوق مراكز البيانات نمواً سريعاً، مثّل استهلاك مراكز البيانات للكهرباء 17 في المئة من إجمال استهلاك البلاد من الكهرباء عام 2022، وانطلاقاً من ذلك ارتفع عدد مراكز البيانات من 500 ألف عام 2012 إلى 8 ملايين اليوم، ويتوقع الخبراء أن تؤدي الحاجات المتزايدة للطاقة للذكاء الاصطناعي إلى استمرار هذا النمو السريع.
وتستخدم المساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي بي تي” طاقة أكثر من محركات البحث التقليدية، ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة يتطلب طلب واحد من “تشات جي بي تي” 10 أضعاف الكهرباء التي يتطلبها محرك بحث “غوغل”، وخلال الأعوام الأخيرة شهدت شركة “ميتا” زيادة سنوية في الطلب على الحوسبة لتدريب واستنتاج التعلم الآلي بأكثر من 100 في المئة، ومع نمو استخدام الذكاء الاصطناعي، سيزداد الطلب على الطاقة، مما يجعل استخدام مصادر الطاقة منخفضة الكربون أمراً ضرورياً لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري

التعليقات معطلة.