العوامل المؤثرة على مساهمة المرأة العربية في سوق العمل
ساهمت عدة عوامل في تحقيق المشارآة الأآبر والأآثر تنوعاً نسبياً للمرأة العربية في سوق العمل خلال العقود
الماضية. فقد دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها غالبية الدول العربية منذ الثمانينات بالمرأة إلى العمل
للمشارآة في أعباء الأسرة المادية، آما أدت الهجرة المتزايدة للعاملين العرب من الذآور إلى الدول النفطية إلى تغيير
ترآيبة السكان وهيكل العمالة وإفساح مجال أآبر أمام الإناث للعمل في الدول المصدرة للعمالة. ومما لا شك فيه أن
الحكومات العربية قد بذلت، ولو بدرجات متفاوتة، جهوداً ملموسة لتعزيز دور المرأة عبر وضع آليات وتنفيذ البرامج
لرفع مستوى تعليمها وتحسين وضعها الصحي، ومنحها حقوقها القانونية والمدنية وتشجيع مشارآتها في هيكل السلطة
وصنع القرار.
إلا أنه من جانب آخر، تساهم عوامل أخرى في الحد من انخراط المرأة في سوق العمل وفي تقييد التنوع الوظيفي المتاح
أمامها. فبالإضافة إلى معدلات البطالة المرتفعة عموماً في الدول العربية، تلعب بعض التقاليد السائدة في غالبية
المجتمعات العربية دوراً رئيسياً في تدني نسبة مشارآة المرأة في سوق العمل، إذ مازالت تشدد على أن حياة المرأة
النموذجية ومساهمتها الرئيسية في المجتمع هي في دورها آأم وزوجة في أسرة يعيلها الرجل. وقد أدت هذه المفاهيم إلى
إضعاف اهتمام المرأة باستقلاليتها الاقتصادية وقللت من أهمية العمل في حياتها، وحصرت قيمته آمورد رزق لإعالة
الأسرة، وليس آفرصة لتنمية مواهبها وقدراتها وتوسيع آفاقها وبلورة شخصيتها. وتعزز هذه النظرة مجموعة من القيود
الاجتماعية على نوعية ومجال عملها، وانتقالها الجغرافي للبحث عن فرص جيدة للتعلم والعمل واآتساب الخبرات
الضرورية، مما يجعل المرأة أقل مرونة في سوق العمل مما يضعف من رغبة أرباب العمل في توظيفها.
وتعكس هذه المفاهيم إلى حد آبير تخصص الإناث في التعليم الجامعي الذي يتماشى مع توقعات المجتمع بالنسبة
لدورهن المستقبلي. فعلى الرغم من دخول الإناث في ميادين آانت قبل سنوات قليلة حكراً على الذآور، آالطب
والهندسة، إلا أن التعليم العالي للإناث مازال يترآز في مجالات وتخصصات معينة. فكما يوضح الجدول رقم (3،(
ترتفع نسبة الإناث مقارنة بالذآور في مجال التعليم والدراسات التربوية وفي مجال العلوم الإنسانية، في الوقت الذي
تنخفض فيه نسبة الإناث انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالذآور في مجال الهندسة، باستثناء الكويت والإمارات وقطر.
ونتيجة لذلك، تتولى الإناث نسبة عالية من الوظائف التعليمية والتي تتناسب، بحسب الاعتقاد السائد، مع واجباتهن
أمهات وزوجات، في الوقت الذي قد يضعف تخصصهن في مجال العلوم الإنسانية من قدرتهن التنافسية في سوق
العمل نظراً لمحدودية الوظائف في هذا المجال .
الجمعة 15 نوفمبر 2024