احتفل خلال تلك الأيام وبالتحديد فى الثامن والعشرين من أكتوبر، رجل الأعمال والمبرمج الأمريكي بيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، بعيد ميلاده الـ70، وهو الاسم الذي ارتبط ببزوغ عصر الحاسوب الشخصي وبداية التحوّل الرقمي الذي غيّر وجه العالم.
ولد وليام هنري جيتس الثالث، المعروف باسم بيل جيتس، في 28 أكتوبر 1955 بمدينة سياتل بولاية واشنطن الأمريكية، وبدأ اهتمامه بالبرمجة منذ سنوات دراسته المبكرة، وفي عام 1975 أسس مع صديقه بول آلان شركة مايكروسوفت، التى سرعان ما أصبحت العمود الفقرى لصناعة البرمجيات وأنظمة التشغيل حول العالم.
على مدار مسيرته الممتدة لأكثر من أربعة عقود، صنع جيتس ثروة هائلة بنفسه، وامتلك أكبر حصة فردية من أسهم مايكروسوفت بلغت نحو 9% من الأسهم المطروحة، لكنه لم يكن مجرد رجل أعمال يسعى وراء الأرباح، بل مفكر ومستشرف للمستقبل، آمن منذ وقت مبكر بأن التكنولوجيا قادرة على إعادة تشكيل حياة الإنسان في كل المجالات.
إرث فكري وإنساني
بعيدًا عن التكنولوجيا، عُرف بيل جيتس بجهوده الإنسانية الضخمة من خلال مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية، التي خصصت مليارات الدولارات لدعم التعليم والصحة ومكافحة الأوبئة في الدول النامية، ومع كل عام يمر، تتجدد الإشادة بدوره الريادي في بناء حضارة رقمية جديدة غيّرت طريقة عيشنا وعملنا وتواصلنا.
بين الرؤية الإنسانية والهاجس الأمني
يُحذر جيتس في الكتاب من أن التطور التقني يحمل معه تحديات مقلقة، منها اختلالات في قطاعات الاقتصاد، وتغير العلاقات بين الدول، إضافةً إلى قضايا الخصوصية والأمن القومي، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الحل يكمن في الاستثمار في المعرفة وتنظيم استخدام التكنولوجيا، لضمان أن تظل في خدمة الإنسان لا العكس.
“المعلوماتية بعد الإنترنت”
من بين أعماله الفكرية التي لاقت اهتمامًا واسعًا، يبرز كتابه “المعلوماتية بعد الإنترنت” (Information at Your Fingertips)، الذي يُعد شهادة فكرية على عمق نظرته المستقبلية، وفي هذا الكتاب، كتب جيتس بحدسٍ استشرافيٍّ واضح عن مستقبل الكمبيوتر والإنترنت، متنبئًا بتأثيراتهما الجذرية في الاقتصاد والتعليم والعلاقات الإنسانية.
لم يتحدث جيتس عن “المستقبل البعيد”، بل ركّز على المستقبل المرئي الذي يمتد من عقد إلى عقدين من الزمان، وهو ما جعل أفكاره تتسم بالواقعية.
اعتمد جيتس في كتابه على تجربة عملية امتدت لأكثر من 20 عامًا في صناعة البرمجيات، وهي فترة شهدت خلالها التكنولوجيا طفرات مذهلة، مما أضفى على تحليلاته مصداقية عالية.
يتألف الكتاب من أربعة فصول رئيسية، يطرح كل منها رؤية متكاملة حول التحولات القادمة في عالم التكنولوجيا: مقدمة عن المعلوماتية بعد الإنترنت: يناقش غيتس مفهوم المعلوماتية، وتطورها من عصر الحواسيب المركزية إلى عصر الاتصال الفوري والمعلومات المتدفقة.
و”الثورة الصناعية الرابعة” يستعرض فيها أثر التكنولوجيا الحديثة على الاقتصاد العالمي، وكيف ستُحدث ثورة في أنماط الإنتاج والعمل، وهي رؤية سبقت بسنوات ما نعيشه اليوم في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، و”تكنولوجيا المعلومات والمستقبل” ويتناول دور التقنية في حياة الإنسان اليومية، وكيف أصبحت البيانات والطاقة الرقمية موردين أساسيين يوازيان النفط والمعادن في الأهمية، و”المستقبل السعيد” ويرسم فيه بيل غيتس صورة متفائلة لمستقبل يعتمد على الابتكار والعدالة الرقمية، حيث تخدم التكنولوجيا الإنسان وتوسع من فرص التعليم والصحة والتواصل.
التعليقات معطلة.

