تعليم الطفل الثقة بالنفس

تعليم الطفل الثقة بالنفس
تُعزّز ثقة الطفل بنفسه من قدرته على مواجهة التحديات الجديدة دون أيّ خوف أو قلق، إذ تنبع هذه الثقة من وعي الطفل وإدراكه للقدرات التي يمتلكها، ويقع على عاتق الآباء تنمية ثقة الأطفال بأنفسهم لتمكينهم من إنجاز المهام وبلوغ الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، ويتمّ ذلك عبر اتباع عدّة استراتيجيات بسيطة يُمكن تلخيصها على النحو الآتي:
تخصيص وقت للعب مع الأطفال: إذ إنّ الوقت الذي يمضيه الآباء مع أطفالهم يُعزّز لديهم مدى قيمتهم في نظر الآباء، إلى جانب كون اللعب معهم يُساعد على تقريبهم من بعضهم البعض عبر مُشاركتهم الألعاب بتركيز واستمتاع كاملين، ولا يُمكن تغافل دور اللعب الكبير في التعلّم.
تكليف الأطفال بالمهام البسيطة: إذ تُساعد هذه الطريقة على منح الأطفال فرصة لاستغلال المهارات التي يمتلكونها، إلى جانب شعورهم بالإنجاز وبمدى أهميتهم وفائدتهم، ومن أبرز المهام التي يُمكن تكليفهم بها هي الأعمال المنزليّة المتمثّلة في: الكنس، وترتيب الألعاب، وطيّ الغسيل، ومسح الغبار، وغسيل السيارة.
إعارة الاطفال الانتباه الكامل: حيث يُعزّز هذا من شعور الطفل بالرضا من نفسه، إلى جانب شعوره بقيمته وأهميّته لدى الآباء، ويتمّ ذلك عبر اتباع عدّة ممارسات منها: التواصل البصري معه، والإصغاء له عند تعبيره عن أفكاره مشاعره وآرائه، ومساعدته على قبول نفسه، ومشاركته بعض المشاعر الخاصة لمنحه الثقة.
تشجيع الطفل: إنّ تشجيع الطفل على جهده المبذول حتّى دون إتمامه لمهمّةٍ ما يُعزّز لديه الشعور بالرضا عن النفس، ويُحفّزه نحو التقدّم، ويُشار إلى أهمية عدم المبالغة في الثناء والمدح.
الابتعاد عن فرض السيطرة: حيث يتمّ هذا من خلال مساعدة الطفل على تطوير مهاراته وتنميتها، ممّا يُشعره بدعم الآباء له، ويدفعه للإنجاز الذي يبني ثقته بنفسه، بعيداً عن أيّة ممارسات من شأنها فرض السيطرة والإجبار على الطفل.
دعم الإنجاز دون اشتراط الكمال: إذ يُنمّي هذا من ثقة الطفل بنفسه، ويُشجّعه على التمرين الذي يُحسّن من مهاراته، دون تدخّل مستمر قد يُقلّل من ثقته بمهاراته وبنفسه.
تنمية ثقة الآباء بأنفسهم: إذ ينصح (Dr. Jeff Nalin)، وهو بروفيسور في علم النفس الإكلينيكي، بتنمية ثقة الآباء بأنفسهم، حيث يُعتبر الآباء القدوة الأولى لأطفالهم؛ لذا تُعدّ ثقة الآباء بأنفسهم، تمهيداً لثقة اطفالهم بأنفسهم أيضاً، وذلك من خلال الوعي في التعامل مع مشاكلهم الخاصّة، وفي مواجهة العيوب والخيبات ومدى تقبّل النفس بشكل كامل، مع تقديم الثناء والدعم الكامل للذات
القبول والثناء ضمن الحدود: إذ لا بدّ من مراعاة الوالدين للواقعيّة في ردود الفعل على تصرفات الأبناء وكفاءاتهم، من ثناء ومديح وغيرها من الردود الإيجابيّة، لتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم، وهذا ما نصح به (Dr. Jeff Nalin)، إلى جانب كون الثناءات المستمرة التي لا مبرّر لها قد تدفعهم لتجاوز الحدود، ويشير الكاتب جيم تايلور إلى أنّ الثناء الزائد على الأطفال يؤدّي إلى انخفاض جودة أدائهم كما يُثنيهم عن التعلّم المستمر.
الابتعاد عن التدخّل السريع: يحتاج الطفل للتدريب والممارسة لتعلّم مهارة مواجهة العقبات والتغلّب عليها، وبالتالي فإنّ تقديم المساعدة في وقت مُبكّر قد يُعيق من قدرته على اكتساب مهارة التصرّف الملائم لحلّ المشكلات، إذ ينصح (Dr. Jeff Nalin) بالتريّث في تقديم المساعدة وانتظار الطفل حتّى يُحاول حلّ مُشكلاته بنفسه، ممّا يدفعه نحو التفكير بوعي واكتشاف الذات.
تجنّب انتقاد الأطفال: إذ ينبغي على الآباء إرشاد أطفالهم وتوجيههم من خلال تقديم الاقتراحات والدعم اللازم دون انتقادهم، ويؤكّد على ذلك الطبيب كارل بيكهارت بقوله: “غالباً ما يُقلّل نقد الآباء لأطفالهم من تقديرهم لأنفسهم ولدوافعهم الذاتية
تعليم الطفل ذي السنوات الأولى الثقة بالنفس
تبدأ عملية تعليم الأطفال الثقة بأنفسهم بدءاً من السنوات الأولى في عُمرهم، إذ يُصاحب ثقتهم بأنفسهم شعور بالأمان يدفعهم نحو تطوير ثقتهم بأنفسهم، إلى جانب قدرتهم على الاكتشاف والحريّة في التعلّم؛ وذلك بسبب تأكّدهم من امتلاكهم قاعدة آمنة من الثقة بالنفس للجوء إليها عند الحاجة، كما تُساعد الثقة بأنفسهم على تسهيل انخراطهم في المواقف الجماعيّة، مثل مرحلة المدرسة وما يليها بكلّ أريحيّة، ومن أفضل أساليب تعليم الطفل الثقة بنفسه في مراحل عمره الأولى ما يأتي:
تعزيز شعور الطفل بالأمان: وذلك من خلال الاستجابة لبكائه وأيّ متطلّبات أخرى، ممّا يُشعره بالحب والعاطفة، ويُعزّز الرابط بينه وبين الأم، ويُشعره بالأمان.
مُساعدة الطفل على الرضا عن نفسه والإيمان بقدراته: يتمّ هذا عبر الاستجابة لاحتياجاته، وغمره بالحب والعاطفة، وإشعاره بالتقدير، إذ إنّ الطفل يؤمن بقدراته عند نجاحه في إتمام مهمّة ما، وملاحظته لردّة فعل إيجابيّة من الآباء؛ مثل تكرار عبارات على غرار أنت جيّد، أنا أستمتع بصحبتك، وغيرها.
مُساعدة الطفل على حلّ المشاكل: وذلك من خلال تقديم الدعم اللازم لإتمامه مهمّة ما، سواء كان دعماً جسدياً أو عاطفيّاً، عوضاً عن إتمامها من أجله، ثمّ مشاركته الابتهاج عند نجاحه.
تشكيل نموذج وقدوة حسنة: إذ إنّ الطفل يتعلّم من الوالدين ردّ الفعل تجاه المواقف المُختلفة، وخاصّة في المواقف الجديدة، مثل دخول مكان جديد أو التعرّف على شخص جديد، إذ يُشاهد الأطفال ردّ فعل الآباء ليشعروا بالأمان إزاء ذلك، كما يُساعد هدوء الوالدين في مواجهة مُشكلة ما و المُثابرة وعدم الاستسلام على إظهار الطريقة والسلوك الأمثل للأطفال للتعامل مع ما يواجههم من تحديات.
خلق روتين معيّن: إذ يُساعد إعداد روتين مُعيّن والالتزام به على شعور الطفل بالأمان والثقة والسيطرة، مثل سرد قصّة بعد الاستحمام، والذي يتبعها وقت النوم، حيث يُساعد تسلسل الأحداث يومياً على فهم الخطوة اللاحقة وتطبيقها دون أيّ قلق.
تمرين الطفل مراراً وتكراراً: وخاصّةً لإتقان مهارة جديدة، ممّا يدفع الطفل للشعور بالأمان وبثقته بنفسه عند إتقانها، حيث يلزم التحلّي بالصبر، ومُساعدة الطفل بهدوء ممّا يدفعه لاحقاً نحو تعلّم مهارات جديدة واستكشاف مهارات أخرى
أمور يجب تجنّبها عند تعليم الطفل الثقة بالنفس
هناك بعض الممارسات والكلمات التي ينبغي تجنّبها أثناء عمليّة غرس ثقة الطفل بنفسه، منها عدم المبالغة في الحزم والانضباط، والاعتدال في مساعدة الطفل على التصرّف بالشكل الصحيح، بالإضافة إلى عدم المبالغة في انتقاد الذات الذي قد يدفع الطفل لتبنّي منهج جلد الذات وإضعاف ثقته بنفسه، كما ينبغي عدم حماية الطفل من كافة الخيبات؛ نظراً لكونها تُعلّم الطفل المرونة في مواجهة مواقف الحياة، إضافةً لما سبق لا بدّ من الابتعاد عن إنجاز مهمّات الطفل، ومنعه من ارتكاب الأخطاء، لتجنّب دفعه نحو الاتكاليّة والاعتماد على الآخرين، ولتعليمه اكتشاف الأمور التي يُجيدها ويبرع فيها.

تواصل معنا