كما كل طفرة صناعية عبر التاريخ، يحدث جدل يتعلق بمخاوف من أن تحتل الصناعة الجديدة مكان البشر. حدث هذا أول مرة مع العمال في المصانع عند اختراع الآلات ومع مدرسي الرياضيات مع ابتكار الآلة الحاسبة، وكل منهم قام بتظاهرات رفضاً للقادم الجديد، واليوم يتكرر الأمر ذاته مع التطورات المتلاحقة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
قدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل نحو 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، وأن أي صناعة جديدة تنشأ في المستقبل القريب ستدمج أحدث ابتكارات تلك التكنولوجيا الحديثة، كما سيتم بناء صناعات المستقبل على أسس التكنولوجيا الرقمية وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، فمع قبول الروبوتات المستقلة ذات التحكم الذاتي والذكاء الاصطناعي التوليدي، سيصل الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف إلى كل صناعة قائمة تقريباً ويحولها بشكل أو بآخر.
الافتقار إلى الإبداع والتعاطف
وفي حين سيحتل الذكاء الاصطناعي بعض الوظائف وأجزاء ومهام من وظائف أخرى، إلا أن هنالك مهناً لن تتأثر بشكل كامل بتطورات هذا المجال، وربما ستظل محمية سنوات عدة مقبلة، فهو ما زال يقتصر على المهام التي يتم برمجتها مسبقاً، أي ما زال عمله مرتبطاً بعمل الإنسان، إضافة إلى تطلبه الصيانة والإشراف المستمر، فعلى سبيل المثال لا يمكنه أداء المهام التي تنطوي على التفكير، مثل تحليل الأبحاث التسويقية أو إدارة العلاقات بين الأشخاص وغيرها كثير، وما زال يفتقر إلى التفكير النقدي والإبداع البشري والذكاء الاجتماعي أو العاطفي، ولذلك ليس لديه إحساس بالأمان مثلاً أو الخصوصية ولا يمكنه التعبير عن المشاعر، بالتالي ستظل الوظائف التي تتطلب الإبداع والتعاطف والأدوار السياسية والاستراتيجية المعقدة في مأمن.
سلاح المهارات
وعلى رغم أن الآراء تتعدد في تحديد المهن المحمية بشكل دقيق، لكن بالعموم تميل المجالات الأقل تعرضاً للحوسبة إلى العمل اليدوي أو الخارجي أو المعرفة المتخصصة، فالوظائف التي تتطلب كثيراً من الحركة والبراعة والقدرة على حل المشكلات في بيئات غير متوقعة، مثل الكهربائي والسباك والحداد وما شابه ذلك ربما يكون من الصعب حوسبتها، ومهن كتلك مرتبطة بالإدارة التنفيذية والعلاقات العامة يصعب على الآلة محاكاة ما تتطلبه من مهارات بشرية كالثقة والجرأة والقيادة والمثابرة والتواصل الفعال وغيرها.