السماء والأرض كانتا ملتصقتين
قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [سورة الأنبياء: 30]. ومن التفاسير لهذه الآية: “أولم يرَ الذين كفروا” أي: الجاحدون لألوهيته العابدون معه غيره، ألم يعلموا أن الله هو المستقل بالخلق، المتفرد بالتدبير، فكيف يليق أن يُعبد معه غيره أو يشرك به سواه؟ ألم يروا: “أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما”؟ أي: كان الجميع متصلاً بعضه ببعض، متلاصقاً، متراكماً بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه، فجعل السماوات سبعاً والأرض سبعاً، وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض، ولهذا قال: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾. أيّ: وهم يشاهدون المخلوقات، تحدث شيئاً فشيئاً عياناً، وذلك كله دليل على وجود الصانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء. وفي كـل شيءٍ لـه آيـةٌ *** تـدلّ عـلى أنّـه واحـدُ “كانتا رتقاً ففتقناهما” قيل: كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سماوات، وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين. وقال الحسن وقتادة: كانتا جميعاً ففصل بينهما بهذا الهواء. إن دراسات علماء الفلك والكون تؤكد أن الكون كان كتلة متماسكة حارّة، ثم بدأ بانفجار مدوٍّ عظيم أدّى إلى انفصال الكتلة الملتحمة وتفرقت أجزاؤها في أنحاء الفضاء، وكانت درجة الحرارة عالية جداً، ثم تبردت وانخفضت، هذا ما وصل إليه العلماء بعد دراسات حثيثة ومضنية.