على مدار عقود عدة، نظر إلى “اختبار تورينغ” [نسبة للمخترع آلان تورينغ] بوصفه العلامة الفارقة في الفصل في شأن مدى قدرة الحواسيب على مضاهاة ذكاء الإنسان. “لعبة المحاكاة” التي صنع تورينغ عام 1950، تطلبت أن تقوم آلة ذكية إلى الانخراط في حوار عبر تبادل النصوص، بطريقة تبدو فيها غير مختلفة كلياً عن محاوريها من البشر. وآنذاك، ساد ظن بأن أية آلة تستطيع تجاوز “اختبار تورينغ” ستتمرس في المنطق والجدل والاستقلالية في التفكير، وحتى قد يتكون فيها نوع من الوعي. ويعني ذلك أنه من المستطاع اعتبار أن تلك الآلة وصلت إلى مستوى العقل البشري من الذكاء الاصطناعي، ويعرف ذلك أيضاً بمسمى “الذكاء الاصطناعي العام” artificial general intelligence، واختصاراً “أي جي آي” AGI.
ومع ظهوره، أطاح روبوت الدردشة “تشات جي بي تي” بذلك المفهوم لأنه استطاع اجتياز “اختبار تورينغ” بإقناع، عبر استخدامه شكلاً متقدماً من خاصية التعرف على الأنماط. لقد استطاع أن يحاكي ذكاء الإنسان لكنه لم يستطع التحول إلى نسخة منه.
وفي مطلع الشهر الجاري، ظهر وكيل [برنامج مستقل] ذكي جديد يسمى “مانوس” Manus والذي اختبر مجدداً مستوى إدراكنا للذكاء الاصطناعي العام. ووصفه مبتكروه من البحاثة الصينيين بأنه “أول ذكاء اصطناعي مستقل بالكامل في العالم”، ذلك بأنه يستطيع النهوض بمهام معقدة على غرار الحجز للعطلات السنوية، وشراء عقار أو صنع بودكاست، ومن دون أي توجيه من البشر. وأفاد ييشاو جي العالم الذي قاد صنع “مانوس” في شركة “بترفلاي إفكت” Butterfly Effect الناشئة ومقرها ووهان، بأن ذلك الابتكار “يسد الفجوة بين المفهوم والتنفيذ” معتبراً إياه “النموذج الفكري التالي” في الذكاء الاصطناعي.

تواصل معنا