عودة الماموث الصوفي
لسنوات طوال، ظلت «الحديقة الجيوراسية» أو «جيوراسيك بارك» Jurassic Park مجرد فيلم من أفلام مغامرات الخيال العلمي، ومأخوذ عن رواية تحمل نفس العنوان، وتدور أحداثه حول حديقة تسكنها ديناصورات تم استنساخها باستخدام الحمض النووي المحفوظ داخل الحشرات المحفوظة بدورها في أحجار كهرمان تعود إلى ما قبل التاريخ. والآن، وقد طرأت طفرات تقنية في استخدام الحمض النووي، هل من الممكن أن تغدو قصة الفيلم حقيقة واقعة؟

يزعم العلماء أن حلم إعادة الكائنات المنقرضة – مثل الماموث الصوفي – إلى الحياة قد أوشك على التحقق خلال سنوات قليلة. فعلى الرغم من أن تلك الدواب العملاقة قد انقرضت منذ آلاف السنين، إلا أنه قد تم العثور على عشرات من جثثها محفوظة في ثلوج القطب الشمالي البرية في حالة جيدة جدًّا. ولقد استخدم العلماء تلك البقايا لاكتشاف الكثير عن حياة تلك المخلوقات وعن موتها، كما اكتشفوا أيضًا تسلسل الجينوم الخاص بها. ولكن، هل يمكنهم أيضًا استخدام تلك البقايا لإعادتها إلى الحياة؟ هل سيُقدَّر للماموث الصوفي أن يخطو فوق كوكب الأرض مرة أخرى؟

منذ عشرات الآلاف من السنين؛ حيث غطى عالمنا الثلوج أثناء ما يُعرف بالعصر الجليدي الأخير، كانت الماموثات الصوفية تسلك طريقها بحرية عبر سهول التندرا الجليدية في آسيا، وأوروبا، وأمريكا الشمالية. وحتمًا، كانت تلك المخلوقات بأجسامها الضخمة الشبيهة بأجسام الأفيال، وفرائها السميك داكن اللون، وأنيابها الطويلة الملتوية مظهرًا مهيبًا للبشر الذين عكفوا على صيدها باستمرار للانتفاع بلحومها وعظامها.

وقد أعلنت مجموعة من العلماء من اليابان، وروسيا، وكوريا الجنوبية – مسلحين بالتقنيات الحديثة في مجالي الأحياء التكاثرية والهندسة الجينومية – عن خططها لاستنساخ ماموث صوفي من خلايا أسلافه المتجمدة.

فعلى عكس الديناصورات التي انقرضت منذ حوالي 65 مليون عامًا ولم تُخلِّف ورائها إلا حفريات، فإن بقايا كائنات الماموث لم تزل تحوي عينات نسيجية قابلة للاستخدام. ومع ذلك، فإن العثور على نسيج محفوظ في حالة جيدة يحتفظ بجينات غير تالفة لهو تحدٍ حقيقي؛ ولذلك السبب، فقد بائت المحاولات السابقة لاستنساخ ذلك المخلوق بالفشل.

وكشفت أحد البعثات الاستكشافية في مناطق الجليد في سيبيريا عن عددٍ من كائنات الماموث الصوفية المحتفظة بفرائها وعظام جماجمها، والتي يعتقد بشدة أنها تحتوي على الخلايا المطلوبة لإنجاح عملية الاستنساخ. ولكن، كيف ستتم بالضبط عملية استنساخ الماموث الصوفي؟ يخطط العلماء لاستبدال أنوية الماموث الصوفي بأنوية خلايا الأفيال – بوصفها الكائنات الحديثة الأقرب لها – لينتجوا أجنة تحمل حمض الماموث النووي. وسيتم بعد ذلك زراعة هذه الأجنة داخل أرحام الأفيال على أمل أن تلد ماموثات صوفية رضيعة.

تواصل معنا