وجّه الله -تعالى- عباده في القرآن الكريم، إلى التفكّر في مخلوقاته، ودعاهم إلى أن يكون نظرهم وتأملهم في تلك الآيات جميعاً سبباً للإيمان بقدرة الله تعالى، وبأنّه المستحقّ للعبادة، حيث قال الله تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ*وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ*وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، والسبب في توجيه العباد إلى التأمّل في خلق الله -تعالى- للإبل، وحثّهم على ذلك، عائدٌ إلى جعل الله -عزٌ وجلٌ- الإبل متاعاً للناس، وتمكينها من حمل أثقالهم على ظهورها؛ لنقلها من مكانٍ إلى آخرٍ، كما أباح الله -تعالى- للناس الأكل من لحومها، والانتفاع من ألبانها بشربها، بل جعل لهم في بعرها فائدةً أيضاً؛ فهم يوقدون بها، وجعل في جلودها منافع عظيمةً، وقد أجمل الله -تعالى- المنافع المتحصّلة من الأنعام بقوله في القرآن الكريم: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ*وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ*وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ).
كما أبدع الله -تعالى- في تسخير الإبل، وتذليلها للإنسان، إذ إنّها تبرك على الأرض؛ حتى تحمل متاعه، فإذا حملته نهضت به، والغاية من نظر الإنسان في خلق الإبل، وتفكّره فيها أن يعتبر بذلك، فيعلم بأنّ الله -تعالى- الذي خلقها لا يعجز عن خلق كلّ ما أخبر عنه، من أمور الجنة والنار، وأنّ القدرة التي خلق الله -تعالى- الإبل فيها، تمكّنه من خلق أيّ شيءٍ يشابهها، ومن مظاهر إعجاز خلق الله -تعالى- في الإبل، أن جعل حجمها مناسباً لرمال الصحراء، فلو كانت أصغر من حجمها الطبيعي لما تناسب ذلك مع الكثبان الرملية، التي تحيط بها في الصحراء، ولا مع المسافات الكبيرة التي يجب عليها أن تقطعها، كما أنّ الله -سبحانه- جعلها تتحمل العطش؛ لأنّ بيئة الصحراء التي تعيش فيها، بيئةٌ قاحلةٌ، ليس فيها نباتٌ ولا ماءٌ، فهي لذلك تتحمّل العطش لمدة عشرة أيّامٍ، تشرب مرةً واحدةً كلّ أربعة أيّامٍ في أحوالها العادية؛ لأنّ الله -تعالى- جعل لها مستودعاتٍ مائيةٍ في جسدها، والسبب في اختيار الله -تعالى- للإبل، بشكلٍ خاصٍ في التوجيه إلى النظر في خلقها، أنّ القرآن الكريم كان يخاطب العرب، وحيث إنّ العرب يسكنون الصحراء، وكان الجمل يحتل فيها المرتبة الأولى، فكان العرب يعيشون مع الإبل، ويهتمون بها.