لنبدأ وفق ما يتوجب حيال كل إنجاز علمي. لنُحَيِّ طويلاً وعميقاً ومن القلب والعقل كليهما معاً الأيدي والعقول العلمية التي لم تتوقف عن العمل الدؤوب طيلة عشر سنوات كي تصل بـ”مشروع الدماغ البشري” Human Brain Project، اختصاراً “أتش بي بي” HBP إلى خاتمته. وكذلك، فلنبق مشعل النقد حاضراً، عبر الإشارة إلى نوع من عدم الارتواء أو ربما شيء من البرودة، حيال ما ورد في البيان الذي أُعلِنَ خلال منتدى علمي في القاعة الرئيسة لـ”معهد البحوث فورشنغزونتروم يوليش” Forschungszentrum Jülich، تستضيفه مدينة “يوليش” بمقاطعة “دورين” بألمانيا، عن الإنجازات العلمية التي تحققت في مسار الهدف الأساس الذي يسعى إليه ذلك المشروع، أي ابتكار نموذج رقمي “يحاكي” الدماغ البشري. ويتخصص “فورشنغزونتروم” في البحوث المتقدمة عن مروحة من التكنولوجيات الأكثر تطوراً تشمل المعلوماتية والروبوتات والطاقة والذرة والفيزياء الكمومية وغيرها.
لماذا النقد ولِمَ الحديث عن البرودة؟ الأرجح أن الإجابة متشابكة لكن محورها أن الإعلان عن ختام المشروع الذي انطلق في 2013، صمت عن الإجابة المتكاملة عن علاقة التركيب المادي للدماغ وظاهرة الوعي عند الإنسان. وحتى القسم المخصص لتناول ذلك الأمر، عرض ملخصاً عن بحوث تمحورت حول الوعي بمعنى اليقظة وتجاوب الدماغ مع مؤثرات خارجية وداخلية، وليس عن الوعي كظاهرة مركبة الأبعاد تتضمن وعي الذات والوجود في العالم والتنبه إلى الزمان والمكان والسعي إلى معرفة الأشياء وتلمس علاقاتها وظواهرها وطرح سؤال عن السببية فيها.
الأحد 24 نوفمبر 2024