انتشار الإسلام نجح المسلمون في ترسيخ الضوابط الدينية في الجزيرة العربية، وزرعوا في سكانها الوازع الديني وفطرة الإسلام، وأعادوا تنشئة أبنائه على مبادئ الدين الإسلامي، وانفطرت الأجيال آنذاك على حبِّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبعد هذه المهمة التي تكلّلت بالنجاح قرّروا أن ينطلقوا خارج الجزيرة العربية ليزرعوا الخير في بلادها وسكانها، ولإخراج سكانها من الظلمات إلى النور.[١] وقد بدأ المسلمون في الانتشار بين الدول نحو بؤَر الظلم والمناطق التي ينتشر فيها الشر والبغضاء، ونجحوا بشكلٍ كبير أن يدكُّوا دولة فارس؛ حيث حطّموا دولة الروم وسحبوا منها الشام ومصر وشمال إفريقيا، وكان هناك إنجاز واضح وملموس للفتوحات الإسلامية، وكانت في قمة النجاح في عهدين بارزين هما: عهد الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب وأبو بكر وعثمان -رضي الله عنهم-، وفي عهد الوليد بن عبد الملك لبني أمية.[١] التاريخ الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين لم تقم الفتوحات الإسلامية عن طريق الصدفة، بل وضع الرسول -عليه الصلاة والسلام- الخطط المناسبة لتنفيذ الفتوحات، وتبعه بذلك الخلفاء الراشدون وساروا على نهجه، وكان الجهاد في سبيل الله من ضمن الخطط التي وضعها الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وكانت هذه واحدة من الطرق لنشر الإسلام وتبليغ الدعوة، لكنها كانت الطريقة الأخيرة بعد صلح الحديبية في العام السادس للهجرة.[٢] وقد لجأ قبل الجهاد إلى إرسال الرسل والكتب إلى الأمراء والزعماء والملوك في تلك الفترة، وأنكر الكثير منهم الرسالة الإسلامية وبِعْثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ووصل بهم الحال أن يسخروا من رسالة الإسلام ومن الرسول، حتى أنهم تجنُّوا عليه باتهامات كثيرة بهدف إبطال الدعوة وعركسة انتشار رسالة الإسلام، في حين أن جزءاً من الناس لم يكذبوا الدعوة وآمنوا بالله وبرسوله.
وقد تبع الخلفاء الراشدون منهج الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وطبّقوا قاعدة الإسلام ونفّذوا وصايا الرسول في خطط الجهاد، فكانوا قبل البدء بالحرب يخيِّرون العدو بين الجزية أو الإسلام، وكانوا يطبّقون سنة النبي التي أمرهم بها قبل الخوض في أي معركة، وهي قراءة سورة الأنفال عند لقائهم بالعدو، وذلك للتوكل على الله بنية التوفيق والنصر