مفهوم مجتمع المعرفة
تُعَدُّ المعرفة مصدراً للفعل (عَرَفَ)، وهي ضِدّ النكرة، وجَمعها (معارف)، وهي تعني: إدراك الشَّيء على ما هو عليه، يُقال: يَعرِفُه حقَّ المَعرِفة؛ أي يعرفه جيِّداً، وتعني مَعرِفة الذَّات: تفهُّمُ الشَّخص لطبيعته، أو قدراته، أو حدوده ، ووعيه بالمُميِّزات، والخصائص المُكوِّنة لذاته،أمّا اصطلاحاً فهي تعني: ما يتكوَّن لدى الإنسان من مفاهيم، ومُعتقَدات، وأحكام، وتصوُّرات تتعلَّق بكلّ ما يحيط، ويتَّصل به؛ بسبب محولاته المُتكرِّرة لفهم ما يدور حوله من ظواهر.
وبالنظر إلى المفهوم السابق للمعرفة، فإنّه يجدر القول إنّ مجتمع المعرفة هو مصطلحٌ حديث لم تتمخَّض الدراسات عن تعريف واضح، ودقيق له، إلّا أنّ هناك من حاول تعريفه من المُختصِّين؛ بهدف تقديم تعريف شامل يتعلَّق به، وفي ما يأتي بعض هذه التعريفات:
عرَّفه (تقرير برنامج الأُمَم المُتَّحِدة الإنمائيّ لعام 2003م) على أنّه: “ذلك المجتمع الذي يقوم أساساً على نشر المعرفة، وإنتاجها، وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعيّ: الاقتصاد، والمجتمع المدنيّ، والسياسة، والحياة الخاصّة، وصولاً لترقية الحالة الإنسانيّة باطِّراد؛ أي إقامة التنمية الإنسانيّة”.
عرَّفه (التركمانيّ) على أنّه: “ذلك المجتمع الذي يتَّخذ المعرفة هدفاً رئيسيّاً، تخطيطيّاً، وتطبيقيّاً، في شتّى مجالات حياته، ويُحسِن استعمال المعرفة في تسيير أموره، وفي اتِّخاذ القرارات السليمة، والرشيدة، وهو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة؛ لمعرفة خلفيّات، وأبعاد الأمور بمختلف أنواعها، ليس في بلده فقط، بل في أرجاء العالَم كلّه”.
عرَّفه (المؤتمر الإقليميّ الأوروبّي لعام 2002م) على أنّه: “المجتمع الذي يُتاح فيه للأشخاص جميعاً، بدون تمييز من أيّ نوعٍ كان، ممارسة حقّهم في حُرّية الرأي، والتعبير، بما في ذلك حُرّية اعتناق الآراء بدون تدخُّل، وحُرّية التماس، وتلقّي، وإصدار المعلومات، والآراء، من خلال أيّ وسيلة اتِّصال، وعَبر الحدود الجغرافيّة”.
ومن خلال التعريفات السابقة، فإنّه يمكن استنتاج أنّ مجتمع المعرفة يعني: المجتمع الذي يُتيحُ لأفراده حُرّية امتلاك المعلومات، ونقلها، وبثّها، وتبادلها، عن طريق التقنيات الحاسوبيّة، والمعلوماتيّة، والفضائيّة المُتعدِّدة، وتوظيفها؛ لتحسين مستوى حياة الإنسان، وخدمته.

تواصل معنا