تُشير نظرية العالم فيغنر أو ما يسمى بـنظرية نظرية الانجراف القاري أو زحزحةِ القارات (بالإنجليزيّة: Continental Drift) إلى حركة القارات الأرضيّة بالنسبة لبعضها البعض كأنّها تنجرف معاً فوق قاع المحيط، حيث بدأ اهتمام فيغنر بمدى احتمالية صحّة هذه النظرية عام 1910م بعد ملاحظته أنّ شكل القارات الحالي يُشبه قطعةً واحدةً مقسّمةً إلى عدّة أجزاء.

ومثال ذلك تطابق ساحل أمريكا الجنوبية مع الساحل الشمالي الغربي لأفريقيا، وفي عام 1911م وجد فيغنر وثائق علميّةً عديدةً تؤكّد وجود تطابق في أحافير نباتات وحيوانات عُثِر عليها على جانبيّ المحيط الأطلسي فزاده ذلك شغفاً للبحث عن دلائل تؤكّد النظرية.

قدّم العالم فيغنر نظريته للعالم عام 1912م، حيث وضع تصوّراً لنشأة القارّات قبل حوالي 200-300 مليون سنة، فأشار إلى أنّ القارّات الحالية كانت قارّةً واحدةً كبيرةً أطلق عليها اسم قارّة بانجيا (بالإنجليزية: Pangaea)، ثمّ انقسمت هذه القارّة وتباعدت أجزاؤها عن بعضها البعض فنتج الشكل الحالي للقارّات.

لكن العالم فيغنر لم يملك دليلاً قاطعاً يُثبت صحة نظريته، خاصةً أنّه لم يتمكّن من شرح سبب زحزحة القارّات أو الطريقة التي تحرّكت فيها فوق قاع المحيط. لاقت نظرية فيغنر معارضةً من الجيولوجيّين، فبرأيهم لا توجد قوّة كافية لقاع المحيط تستطيع تحريك القارّات بحُكم تعرّضها لمقاومة احتكاكيّة كبيرة جداً،فلجأ العالم فيغنر حينها إلى توضيح أنّ القارات الأقل كثافةً تطفو وتنجرف فوق القشرة المحيطية الأكثر كثافة، إلّا أنّ ذلك لم يكن كافياً وظلّ مُعظم الجيولوجيين مُتشكّكين من صحّة نظريته، ويجدر بالذكر أنّ نظريّة انجراف القارات أصبحت أساساً علمياً راسخاً في علوم الجيولوجيا في ستّينيات القرن الماضي.

أدلة على نظرية العالم فيغنر وضع العالم فيغنر وأنصار نظريته العديد من الأدلّة العلمية على صحّة نظريّة الانجراف القارّي، ومن هذه الأدلّة ما يأتي: وجود سلاسل جبليّة متطابقة على جانبيّ المحيط الأطلسي حيث استنتج فيغنر من تطابق هذه السلاسل الجبلية في أنواع صخورها، وأعمارها، وتركيبها، أنّها نشأت كسلسلةٍ واحدة ثمّ انفصلت عن بعضها بسبب الانجراف القارّي، ومثال ذلك جبال الأبالاش شرق الولايات المتحدة وكندا والسلاسل الجبلية التي تُقابلها شرق جرينلاند، وأيرلندا، وبريطانيا، والنرويج. وجود أحافير قديمة متشابهة في قارّات منفصلة وُجدت أحافير قديمة لحيوانات ونباتات منقرضة في صخورٍ من نفس العمر على امتداد واسع من قارّاتٍ منفصلة، ومن وجهة نظر فيغنر فإنّ هذه الكائنات الحيّة عاشت في مكان واحد، وبعد موتها وتحجّرها انفصلت القارّات عن بعضها البعض نتيجة الانجراف القاري، إذ إنّ تلك الكائنات الحية لا تستطيع الانتقال عبر المحيطات، ومن الأمثلة عليها ما يأتي: أحافير بذور نبات السرخس: حيث لا تستطيع الرياح حملها لمسافاتٍ كبيرة بسبب وزنها الثقيل. أحافير حيوان الميسوصور: (بالإنجليزية: Mesosaurus)؛ حيث يُعتبر من الحيوانات العائمة، لكّنه لا يستطيع السباحة إلّا في المياه العذبة، ممّا ينفي قدرته على الانتقال من قارّة لأخرى. أحافير حيوان كلبيّ الفك (بالإنجليزية: Cynognathus) وحيوان سحلية المجرفة (بالإنجليزية: Lystrosaurus): فكلاهما من الحيوانات البريّة التي لا تستطيع التنقّل عبر المحيطات. وجود أخاديد مائية ورواسب صخرية قرب خط الاستواء حيث تنتج هذه الأخاديد والرواسب إثر ذوبان أنهار جليديّة على اليابسة بالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي، وعليه فسّر فيغنر ذلك على أنّ الأنهار الجليدية كانت متمركزةً على اليابسة الجنوبية بالقرب من القطب الجنوبي، ثمّ انتقلت القارّات إلى موقعها الحاليّ في وقت لاحق نتيجة الانجراف القاريّ. وجود شعاب مرجانية وطبقات فحم في مناطق شديدة البرودة على الرغم من أنّ الشعاب المرجانيّة والمستنقعات المكوّنة للفحم تتواجد عادةً في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية إلّا أنّه تم اكتشافها في بعض المناطق شديدة البرودة، ممّا دفع فيغنر للاعتقاد بأنّها قد تواجدت قديماً في مناطق مناخية دافئة، إلّا أنّ أحافيرها انجرفت لاحقاً إلى مواقع جديدة نتيجة انجراف القارّات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

التعليقات معطلة.