الحبَّار العملاق المراوغ
يُعَد الحبَّار العملاق المراوغ وحشًا بحريًّا بحق، فهو أحد أكبر الكائنات الحية في العالم وأكبر الكائنات اللافقارية؛ حيث يصل طوله إلى ستة عشر مترًا، وله عشرة أذرع وأعين يصل قطرها إلى حوالي نصف متر. إلا أن القليل جدًّا معروف عن ذلك الكائن الغامض؛ حيث يعيش في أعماق سحيقة للمحيطات، فلم تتم دراسته قط في البرية. ولقد بحثت البعثات الاستكشافية لسنين عن تلك المخلوقات المراوغة إلا أنه نادرًا ما تم رصدها؛ فأغلب ما نعرفه عن ذلك الكائن هو نتيجة دراسات أجريت على جثث الحبَّارات النافقة التي جرفتها المياه إلى الساحل أو التي التقطتها شباك الصيادين.
من الأشياء التي نعرفها يقينًا هي أن تلك الكائنات آكله للحوم، وأنها تأكل كل ما تستطيع صيده. فخلال الحرب العالمية الثانية، روى الناجون من السفن الغارقة عن زملاء لهم أكلتهم تلك الكائنات في ظلمة الليل، كما أن هناك بلاغات عن حبَّارات عملاقة خرجت من المياه لتسحب رجالاً يبحرون في قوارب صغيرة. وعلى الرغم من أنه لم يتم التحقق من أية واحدة من تلك البلاغات رسميًّا، فإنها ترسم صورة مرَوِّعة لذلك المفترس الفتَّاك.
ولمجسات الحبَّار الطويلة الثماني كئوس ماصة قوية تستخدمها في الإمساك بفرائسها المسكينة بإحكام؛ لتقضي عليها بفعالية خارقة باستخدام منقار حاد وفتَّاك. ويبدو أن ذلك الحبَّار العملاق وجبة مفضلة لحيتان العنبر؛ حيث عُثر على تلك الحبَّارات في معدات الحيتان النافقة، والتي حملت الكثير منها ندوب إثر كئوس الحبارات الماصة.
وبينما العلماء متيقنون أن الحبَّارات العملاقة تعيش على أعماق سحيقة في المحيطات فإن المستوى المحدد لعمق المياه التي تسكنها غير معروف. إلا أن البيانات المأخوذة من سلوك غوص حيتان العنبر والأنواع القاعية تشير إلى أن تلك الحبَّارات تعيش في نطاق كبير قد يتراوح ما بين 300 و1000 متر عمقًا.