الذكاء الاصطناعي التوليدي في وصف مبسط لغموضه المخيف والمتألق


لنبدأ من الخيال. ولنستعد فيلم “لعبة التقليد” Imitation Game (2014) الذي قدم خيال السينما عن مبتكر الذكاء الاصطناعي الحديث آلن تورينغ (1912- 1954) وابتكاره آلة ذكية استخدمها في تفكيك ألغاز شيفرة الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية. في لقطة معبرة تألق فيها الممثل بنديكت كومبرباتش، يطلق تورينغ ما يشبه الرؤية عن أن الآلات سيكون لها ذكاء يشابه ما لدى الإنسان لكنه مختلف عنه، وعلى البشر التعايش معه.
وفي خريف 2022، حدثت قفزة نوعية أدت إلى ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative Artificial Intelligence الذي سجل قدرته على اجتياز “اختبار تورينغ” الذي صنعه العالم الراحل ليكون محكاً عن وصول ذكاء الآلات إلى مرحلة “التشابه” مع البشر.
بعدها، ضج العالم بنقاشات ضخمة، لوحظ فيها بسهولة أن الأصوات الأعلى والأعمق، جاءت من صناع الذكاء الاصطناعي على غرار جيوفري هينتون أو “عراب الذكاء الاصطناعي” الذي ترك منصبه في “غوغل” ليتفرغ لتحذير البشرية من الوجه المظلم لتلك القفزة النوعية في ذكاء الآلات، التي لا تتناقض بالطبع، مع كونها إنجازاً علمياً إنسانياً متألقاً. وليس ذلك سوى نقطة من فيض مماثل.
ليس في الأمر أي تناقض، لكن هنالك من اعتاد على الرؤى التبسيطية المكتوبة بالأبيض والأسود، ويصعب عليه التعود على مزيج الألوان والتناقضات والتشابك والتنوع.
بمعنى ما، تشبه القفزة النوعية للذكاء التوليدي تلك الطفرة النوعية التي أدخلت المتفجرات إلى طاقة الذرة. لعل نقطة البداية لفهم تلك الطاقة ونقلتها هو أن الذرة للمرة الأولى تاريخياً، لم تعد أبسط شكل للمادة، بل صارت مصدراً لسيول إشعاعات متدفقة وطاقة هائلة مدمرة لكنها فتحت الأفاق الواسعة لاستفادة السلمية منها. وترافق ذلك مع متغيرات هائلة النظم الدولية والعيش الإنساني بأكمله

تواصل معنا