المياه على سطح المريخ
في عام 2012 قام العلماء بإطلاق المسبار «كيوريوزيتي» إلى كوكب المريخ، وهو مُجهز بكاميرات ومختبر علمي كامل؛ لتحليل عينات من التربة والصخور الموجودة على سطح الكوكب. وفي الحقيقة العلماء على دراية بوجود مياه على الكوكب بالفعل، وذلك بفضل الأدلة الدامغة التي ظهرت في الصور التي تم التقاطها مؤخرًا؛ حيث أوضحت وجود قنوات حفرتها المياه في الصخور والحصى على سطح المريخ. ولكن منذ بضع سنوات، كان الاعتقاد أنه لا توجد مياه على سطح المريخ، وأنه كوكب شديد الجفاف؛ إلا أن الصور الحديثة أظهرت أنه توجد مياه على سطح المريخ بالفعل.
ولكن انتظر قليلًا؛ لا تقم بتجهيز أمتعتك للقيام بمغامرة في الفضاء، ليس الآن على الأقل! فعلى الرغم من اكتشاف المياه، فإنها ليست على الهيئة التي نعرفها بالتحديد؛ فهي ليست مياهًا سائلة بل محلول ملحي، فلا تزال هناك ضرورة للقيام بمزيد من الأبحاث لمعرفة طبيعة سطح المريخ.
إذًا، ماذا نعرف حتى الآن؟ يعتقد العلماء أن الماء الذي تم العثور عليه قد تكوَّن عن طريق عملية تُسمى بـ«الذوبان»؛ حيث تقوم مادة ما بامتصاص الرطوبة من الغلاف الجوي وتقوم بتحويلها إلى محلول ملحي. وتتم هذه العملية في الأملاح؛ فإذا كانت هناك رطوبة كافية في الهواء، فستقوم الأملاح بامتصاص الرطوبة وتحويلها إلى محلول ملحي.
ولكن، كيف حدث هذا الأمر على سطح المريخ؟ أظهرت الصور التي تم التقاطها في عام 2011 ما يشبه الخطوط الداكنة على بعض أجزاء سطح الكوكب، والتي من المحتمل أن تكون آثارًا لمجارٍ مائية. وتتدفق تلك المجاري المائية على تضاريس المريخ خلال فصل الصيف، في حين تتلاشى وتجف بحلول فصلي الخريف والشتاء أثناء انخفاض درجات الحرارة؛ فأطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم «الخطوط الانحدارية المتناوبة».
وتم الكشف عن وجود أملاح مائية باستخدام الأشعة تحت الحمراء في تلك المناطق؛ حيث تكونت من مزيج من البيركلورات وفوق كلورات، وتعد سامة للغاية. ومع ذلك، فهي استرطابية للغاية مما يعني أنها فعالة للغاية في جذب واستبقاء الماء من بيئتها. وهذا هو الدليل الذي استند إليه العلماء في إمكانية وجود الماء هناك. وعلى كلٍّ، فتلك المياه شديدة الملوحة، ولا يمكن الاعتماد عليها كمصدر للحياة، ولكنها تُعتبر بداية للقيام بمزيد من الأبحاث عن إمكانية الحياة على المريخ.
وفي الوقت الذي تتضارب فيه الآراء والنظريات حول كيفية تكوُّن المياه على سطح المريخ، تبدو نظرية الذوبان الأكثر ترجيحًا. ولكن لا تزال هناك حاجة للقيام بمزيد من الأبحاث قبل التأكد من صحة هذه النظرية بصورة قاطعة. وعلى الرغم من نجاح كيوريوزيتي في أخذ صور مُقربة من تلك الخطوط الانحدارية المتناوبة، فإنه لا يستطيع الاقتراب كثيرًا من تلك المناطق؛ لعدم قدرته على تسلق المنحدرات الشاهقة، بالإضافة إلى خشية العلماء من المجازفة بتلويث المنطقة بالميكروبات التي ربما قد تكون علقت بكيوريوزيتي من كوكب الأرض.
لا يزال العمل على تصنيع مزيد من المركبات الاستكشافية قائمًا، وذلك لإرسالها إلى المريخ؛ حتى نستكمل استكشافاتنا، وعليه يجب أن يتم تطهير أية مركبة قبل أن تقترب من تلك الخطوط الانحدارية على سطح الكوكب.