خلق الله تعالى هذا الكونَ العظيم الواسع وأسّسه على مبدأ التزاوج، فالمتأمِّل في هذا الكون يجدُ أن كل المخلوقات تعيشُ أزواجاً أزواجاً؛ والإنسان مخلوق من مخلوقات الله تعالى، خلقه الله من جنسين رئيسين هما: الرجل، والمرأة، ولم يكن ذلك إلا لحكمة عنده، وهي تحقيق التكامل بين أبناء آدم وحواء، فلا يستطيع الرجل العيش في بيئة كلها رجالٌ دون النساء، والمرأة كذلك لا تستطيع أن تعيش في بيئة كلها نساء دون الرجال، لهذا فإن المرأة والرجل يحتاجان إلى بعضهما البعض حتى تعمر الدنيا، وتزدهر. وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). والنساء هنَّ شقائق الرجال، وهنَّ من لهنَّ الدور الأبرز والأهم في تنشئة المجتمعات، فلو استطاع المجتمع تنشئة نساء صالحات، مثقفات، يُنظَرُ إليهنَّ على أنهنَّ الركن الأساسي للمجتمع، لَعَمِلَ ذلك على تنشئة أجيال صالحة تعرف كيف تدير حاضرها، وتنهض به، وكيف تصنع مستقبلاً مشرقاً تسوده الأخلاق الحميدة، والقيم الفاضلة، لذا فإن الإسهام الأكبر للمرأة في مجتمعها يكون من خلال التربية والأمومة، وهما دوران لا يتسنى للرجل أبداً أن يؤدّديهما كما تؤديهما المرأة، فقد أثبتَ الواقع العملي أنه بإمكانها أن تسدّ الفراغ الذي قد يحدثه غياب الرجل بشكل جيد جيداً. تعتبر ظاهرة تجهيل المرأة من أكثر القضايا التي تلقى انتشرت في فترة ما في المجتمعات المتأخرة، إذ إن ذلك ما يسعى إليه في العادة أعداء الحضارة والتقدم، فتنشغل المرأة بتوافه الأمور عن القضايا المفصلية التي تهم كافة الأفراد، ومن هنا فإن ظاهرة انعدام الثقافة العامة لدى المرأة نجدها متفشية إلى مديات بعيدة في مثل هذه المجتمعات التي لا تلقي بالاً لتفعيل دور المرأة، وتعليمها، وتثقيفها، أو تسليحها بالأسلحة المعرفية التي تمكنها من إدراك ما يجري حولها. وفي هذا الصدد فقد أثبتت المرأة تفوقاً لا نظير له في مختلف المواقع التي تسلمت زمام أمورها، حتى في قيادة الدول، وهذا ما ينفي كل تلك الشائعات والأوهام التي تنتشر عن عدم قدرتها على التصرف، وإدارة الأزمات، والتخطيط بعيد المدى، وإنجاز المهام الموكلة إليها بإتقان، وكفاءة. يمكن مما سبق القول أن دور المرأة في المجتمع واسع جداً، فهي تمتلك القدرة على المشاركة الفاعلة إلى جانب الرجل في كافة المجالات على تنوعها، وهذا ما يجعل الاهتمام بالمرأة واجباً رئيسياً لبناء أيّة حضارة، وتقدمها، وتحقيق نهضة شاملة كاملة لكافة أبناء المجتمع، أما إهمال قضايا نصف المجتمع، ومربية النصف الآخر، فإنه لن يعود على الإنسانية والمجتمعات المختلفة إلا بالخسران المبين.
الجمعة 15 نوفمبر 2024