تمخض الجبل فولد فأراً”. لنعدل العبارة قليلاً. لنقل “تمخض جبلان للطاقة فولدت منهما مادة”، ولنضف بسرعة أن تلك الولادة جرت في غيبة أي مكون لأي مادة فيزيائية!
واستطراداً، أربك ذلك الغياب المادي حتى بعض المواقع العلمية الغربية المتخصصة، إذ يدور الخبر الذي تناقلته أخيراً مجموعة من المواقع الإعلامية العامة والعلمية، على غرار “أم أس إن” و”نيوز إن سي آر” و”هيد توبكس” وغيرها، عن تجربة نهض بها فريق علمي في “جامعة مانشستر” استطاع أن يستولد مادة من طاقة صرفة، إذ استخدم الفريق حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة وأحدث تداخلاً بينهما أدى إلى ولادة مادة، بالأحرى، جسيمات مادية من النوع الذي تشكلت منه المكونات التي تصنع المكونات الأساسية للذرة ونواتها.
وكذلك لم تتوان المواقع التي تداولت الخبر عن تبيان أن التجربة تشكل اختراقاً علمياً هائلاً. فللمرة الأولى، يستطيع البشر أن يصنعوا بأنفسهم هذا التبادل بين الطاقة والمادة في اتجاه تحول الطاقة إلى مادة. بديهي التذكير بأن تحول المادة إلى طاقة أمر شائع منذ فجر التاريخ البشري. وقد اقتضى تطور الحضارة الإنسانية أن يسير أشواطاً هائلة قبل أن يتبلور مفهوم التبادل بين الطاقة والمادة في الفيزياء الحديثة، خصوصاً مع نظرية النسبية لألبرت أينشتاين والنظرية الكمومية في الفيزياء التي ظهرت على يد مجموعة من العلماء ضمت في صفوفها ماكس بلانك وإيرفنغ شرودنغر وجوليان شوينغر وورنر هايزنبرغ وسواهم [سار معهم أينشتاين فترة، ثم هجرهم]