ظواهر فلكية نادرة
دائمًا ما تذهلنا السماء بظواهر فلكية رائعة لا حصر لها، ومنها ظواهر نادرة لها سحر خاص. في ظروف معينة، يمكن مشاهدة بعض تلك الظواهر الفلكية بالعين المجردة دون الحاجة إلى استخدام المناظير أو التلسكوبات. وتواريخ حدوث الظواهر الفلكية وأوقاتها – مثل: زخات الشهب، والكسوف، وغيرها من أحداث مثيرة للاهتمام – مسجلة في تقويم فلكي حتى يتمكن مراقبو السماء وهواة علم الفلك من تعقبها.
عبور الكواكب
تحدث ظاهرة عبور الكواكب عندما يمر كوكب ما أمام الشمس؛ فتُعد هذه الظاهرة نوعًا خاصًّا من الكسوف. وعبور الكوكبين الداخليين عطارد والزهرة هو فقط الذي يمكن رؤيته من الأرض؛ وذلك لأنهما الكوكبان الوحيدان اللذان يقعان بين كوكب الأرض والشمس. وخلال عبورهما، نستطيع رؤيتهما من الأرض على شكل قرص أسود صغير يتحرك أمام الشمس.
ونادرًا ما تحدث ظاهرة عبور كوكب الزهرة؛ وذلك نتيجة لميل مدار الكوكب بثلاث درجات عن مستوى النظام الشمسي؛ أي أن كوكب الزهرة يمر فوق أو تحت قرص الشمس في أغلب الأوقات. يعبر كوكب الزهرة أمام الشمس عندما يصل إلى نقطة في مداره تضعه بين الشمس وكوكب الأرض مباشرة. ويعبر كوكب الزهرة أمام الشمس في نمط معين: أربع مرات كلَّ 243 سنة؛ حيث يتكرر العبور مرتين يفصلهما ثماني سنوات، ويفصل بين كلِّ زوجين من العبور فترة زمنية طويلة تتراوح من 105.5 إلى 121.5 سنة.
منذ اختراع التلسكوبات قبل أربعمائة عام، تم رصد ظاهرة عبور كوكب الزهرة أمام الشمس سبع مرات. فسجل جيريميا هوروكس أول عبور لكوكب الزهرة في عام 1639؛ وكان جوهانس كيبلر أول من تنبأ بحدوث تلك الظاهرة في عام 1627. لقد كان آخر زوج من ظاهرة عبور كوكب الزهرة في 8 يونية 2004 و5-6 يونية 2012؛ حيث يُعد العبور الأخير في القرن الواحد والعشرين. وسوف يحدث الزوج القادم من ظاهرة عبور كوكب الزهرة أمام الشمس في 10-11 ديسمبر 2117 و8 ديسمبر 2125. وقد استمر عبور كوكب الزهرة أمام الشمس في عام 2012 نحو 6 ساعات و40 دقيقة، وظهر بوضوح في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا، وشرق إفريقيا؛ أما بقية العالم فقد شهد هذه الظاهرة في اليوم التالي.
على الرغم من ندرة حدوث ظاهرة عبور كوكب الزهرة أمام الشمس، فإنها استُخْدِمَت في جمع معلومات عن النظام الشمسي، وساعدت علماء الفلك على تقدير حجم الشمس ودراسة الغلاف الجوي لكوكب الزهرة. كما وفر العبور الأخير لعلماء الفلك بعض فرص البحث لتحسين التقنيات المستخدمة في البحث عن كواكب خارج المجموعة الشمسية.
ومن ناحية أخرى، يميل مدار كوكب عطارد بنحو سبع درجات مقارنة بمدار كوكب الأرض؛ لذلك لا يصطف كوكب عطارد، والأرض، والشمس إلا نادرًا. إلا أن عبور كوكب عطارد أمام الشمس يتكرر أكثر من عبور كوكب الزهرة − نحو ثلاث عشرة مرة في القرن الواحد − لأن كوكب عطارد أقرب إلى الشمس، ومن ثم يدور حول الشمس بسرعة أكبر.
عادة ما يعبر كوكب عطارد أمام الشمس في شهري مايو ونوفمبر؛ حيث حدث آخر عبور في 8 مايو 2016، في حين إن العبور القادم سوف يحدث في 11 نوفمبر 2019. ويستغرق عبور كوكب عطارد أمام الشمس نحو سبع ساعات ونصف؛ حيث يمكن رؤية هذا العبور النادر في معظم البلدان ما عدا البلدان التي يحل بها الليل أثناء العبور.
ظواهر قمرية نادرة
«عندما يكون القمر أزرق» هي مقولة عادة ما تستخدم للتعبير عن شيء نادر الحدوث. هناك تعريفان لظاهرة القمر الأزرق نادرة الحدوث؛ أولهما هو أنه القمر الكامل (البدر) الثالث في موسم فلكي به أربعة بدور، وثانيهما هو أنه البدر الثاني في الشهر القمري. يرصد علماء الفلك والباحثون هذه الظاهرة عن كثب؛ لأنها ظاهرة غريبة في التقويم القمري العادي. وقد أطلق تقويم المزارعين* على هذا البدر الفائق اسم «القمر الأزرق»؛ إلا أنه تعبير محيِّر؛ لأن القمر لا يتحول بالضرورة إلى اللون الأزرق
ومع ذلك، فمن الممكن أن نرى القمر أزرق اللون بالفعل عندما يمتلئ الجو بجزيئات قد تعطيه هذا اللون. ففي عام 1883، انفجر بركان في إندونيسيا، وامتلأ الجو بالرماد الكثيف؛ فتحول البدر إلى اللون الأزرق. وقد ظهر آخر قمر أزرق في 21 مايو 2016، ومن المتوقع أن تكون المرة القادمة في يوم 31 يناير 2018.
هناك ظاهرة قمرية نادرة أخرى وهي القمر العملاق (السوبر)، وهو بدر يتزامن ظهوره مع نقطة الحضيض، وهي الوقت الذي يكون فيه القمر في أقرب نقطة من الأرض. خلال هذه الفترة، يبدو القمر 7% أكبر و16% أسطع من القمر العادي. وفي 14 نوفمبر 2016، ظهر آخر قمر عملاق منذ 26 يناير 1948؛ حيث ابتعد القمر عن الأرض بـ356.509 كيلو مترًا فقط. ولن يقترب القمر من الأرض بهذا القدر مرة أخرى حتى نوفمبر 2034